
يُعد نموذج البرمجة الإجرائية من أقدم نماذج البرمجة في الحوسبة، ويتميز بتنفيذ خطي وتنظيم هيكلي للكود. في هذا النموذج، يُنظر إلى البرنامج كمجموعة تعليمات تُنفذ وفق تسلسل محدد، ويُعالج الوظائف بتجزئة المشكلات المعقدة إلى إجراءات فرعية أو دوال قابلة للإدارة. يركز هذا النموذج على خطوات التنفيذ العملية "كيفية العمل" ويبتعد عن الوصف التجريدي "ما الذي يجب عمله"، مما يمنحه ميزة في العمليات الحاسوبية منخفضة المستوى وتنفيذ الخوارزميات بكفاءة وسلاسة.
بدأ تطور نموذج البرمجة الإجرائية في أواخر خمسينيات وأوائل ستينيات القرن الماضي مع ظهور لغات البرمجة عالية المستوى. نشأ هذا النموذج من عدة مراحل تاريخية مهمة:
تطوّر النموذج من البرمجة المعتمدة على القفزات إلى أساليب أكثر هيكلية، حتى استقر على ثلاثة هياكل تحكم رئيسية: التسلسل، والاختيار، والتكرار.
يعتمد النموذج الإجرائي على مفاهيم رئيسية تحدد تنظيم الكود وتدفق التنفيذ:
عند التنفيذ، يخصص البرنامج الإجرائي ذاكرة المكدس في الذاكرة لإدارة استدعاءات الدوال والمتغيرات المحلية، ويتتبع موقع التنفيذ الحالي عبر عداد التعليمات، وينتقل بين الكتل البرمجية والدوال وفق هياكل التحكم المُحددة.
رغم بساطته وسهولة فهمه، يواجه النموذج الإجرائي تحديات وقيوداً مع المشاريع الكبيرة والمعقدة:
صعوبة الصيانة: تزداد صعوبة صيانة الكود مع اتساع حجم البرنامج.
قيود إعادة الاستخدام:
إدارة الحالة المعقدة:
محدودية التوسع:
صعوبات البرمجة المتزامنة:
ومع تطور البرمجيات وزيادة تعقيدها، ظهرت نماذج برمجة أخرى مثل الكائنية والوظيفية، رغم أن النموذج الإجرائي ما زال يحتفظ بمكانة مهمة في برمجة الأنظمة والأنظمة المدمجة.
يمثل نموذج البرمجة الإجرائية نقطة تحول أساسية في تاريخ البرمجة، فقد أسس للبرمجة الحديثة. ورغم قيوده، فإن بساطته ووضوحه يجعلان منه خياراً مثالياً للمبتدئين، كما يُعد قاعدة للعديد من النماذج المتقدمة. وغالباً ما يجمع تطوير البرمجيات الحديثة بين عدة نماذج برمجية، مع اختيار الأنسب بحسب طبيعة المشكلة. وتبقى فكرة البرمجة الإجرائية—تجزئة المشكلات المعقدة إلى خطوات بسيطة—منهجاً أساسياً لحل المشكلات، ويكمن دورها في توفير مستوى تجريدي قريب من نموذج تنفيذ العتاد الحاسوبي، مما يتيح تحكماً دقيقاً في تدفق تنفيذ البرنامج للمبرمجين.


