
طلب التعليقات (RFC) هو سلسلة من المذكرات التي ينشرها فريق عمل هندسة الإنترنت (IETF)، وتوثق المواصفات التقنية التفصيلية لمعايير الإنترنت وبروتوكولاته وإجراءاته ومفاهيمه. تدعو هذه الوثائق إلى مراجعة المجتمع وإبداء الملاحظات، وتشكل المجموعة الأساسية من المواصفات التي تدعم البنية التحتية التقنية للإنترنت. تأسست منظومة RFC في عام 1969 على يد رائد الإنترنت ستيف كروكر، وتطورت لتصبح آلية محورية للحفاظ على استقرار الإنترنت وقابليته للتشغيل البيني.
ظهرت منظومة RFC في عام 1969 خلال البدايات الأولى للإنترنت، حين واجه الباحث ستيف كروكر تحدي تنسيق تطوير بروتوكولات الشبكات لـ ARPANET (سلف الإنترنت). ابتكر وثيقة غير رسمية لكنها منظمة تحت اسم "طلب التعليقات" ليؤكد الطابع المفتوح لهذه الوثائق.
نُشرت أول وثيقة RFC (RFC 1) في 7 أبريل 1969 بعنوان "برمجيات المضيف"، وناقشت مسائل تتعلق باتصالات المضيفين في ARPANET المبكر. ومنذ ذلك الوقت، أصبحت منظومة RFC أساس وضع معايير الإنترنت وتدار اليوم بواسطة IETF تحت إشراف جمعية الإنترنت (ISOC).
تطورت RFCs مع الزمن لتتعدى مجرد "طلب التعليقات"، حيث تحولت الكثير منها إلى معايير إنترنت رسمية مثل بروتوكولات TCP/IP (RFC 793 و RFC 791)، وHTTP (RFC 2616)، وبروتوكولات البريد الإلكتروني مثل SMTP (RFC 5321).
تمر وثائق RFC بمراحل دقيقة للإنشاء والموافقة:
تصنف وثائق RFC إلى عدة أنواع:
عند نشر RFC، لا يتم تعديلها مطلقًا، وإذا ظهرت أخطاء، تُجرى التصحيحات أو التحديثات عبر إصدار RFCs جديدة.
تواجه منظومة RFC عدة تحديات رئيسية:
تكمن قيمة منظومة RFC في شفافيتها وانفتاحها، إلا أن هذه التحديات تعكس مدى تعقيد إدارة المعايير التقنية عالمياً.
تجسد منظومة طلب التعليقات (RFC) نموذجاً رائداً لحوكمة الإنترنت، حيث يبرهن التعاون المفتوح على قدرة المجتمع التقني في مواجهة التحديات المعقدة بكفاءة. فهي لا تضع الأسس التقنية للإنترنت فحسب، بل تعكس أيضاً روح الابتكار الجماعي المبني على الإجماع لا الإلزام. ورغم أن منظومة RFC ليست مثالية، إلا أن قيمها الجوهرية—المشاركة المفتوحة، التميز التقني، والإجماع التقريبي—لا تزال تشكل تطور الإنترنت. وكدستور للإنترنت، تضمن RFCs وحدة الشبكة العالمية واستقرارها، وتدعم التواصل الرقمي السلس الذي نعتمد عليه جميعاً اليوم.


